تواجدنا منذ عدة أيام في مدينة "روستنبورغ" الجنوب إفريقية، والتي ستحتضن مباريات المجموعة الرابعة من كأس إفريقيا، و6 مباريات في المجموع خلال كل الدورة...
جعلنا نتأكد، وبما لا يدع أي مجال للشّك، أننا لا زلنا بعيدين جدا عن تنظيم تظاهرة بحجم "الكان" مثلما يأمل وزير الشباب والرياضية. لأننا لا نملك المرافق التي تملكها مدينة واحدة في جنوب إفريقيا، ولا نملك ملاعب صالحة كما هو عليه الحال هنا. علما أن هذه المدينة ليست استراتيجية، وهي مدينة صغيرة في البلاد، وتتوفر على هياكل أقل بكثير من تلك التي توجد في "جوهانسبورغ" و"برتوريا" و"كيب تاون".
4 منتخبات لكل واحد منها ملعب مؤهل لاحتضان منافسة دولية
ونجحت لجنة تنظيم كأس إفريقيا في توفير ملعب ملائم ومؤهل لاحتضان مباريات رسمية لكل منتخب من المنتخبات الأربعة لإجراء التدريبات عليه. إذ ستتدرب الجزائر في "مورولينغ ستاديوم"، وهو ملعب يتّسع لـ 20 ألف مناصر، والطوغو في "ماخواصي" الميدان الكبير، بينما اختار منتخب كوت ديفوار التدرب في مركز "بافوكينغ سبور" الذي يوجد به "الخضر" حالياً ويضم سبعة ملاعب من أروع ما يكون. وفضلا عن هذه الملاعب، يوجد الميدان الرئيس الذي سيحتضن المباريات، ويتعلق الأمر بـ "روايال بافوكينغ" ، وهو أمر يجعلنا نتخيل حجم المرافق الموجودة في مدينة تضم 300 ألف نسمة (أقل من سكان أي ولاية في الجزائر).
في الجزائر مدن مثل وهران وسطيف لا تملك ملعباً معشوشباً، دون الحديث عن الفنادق
وفضلاً عن الملاعب، تملك هذه المدينة الصغيرة فنادق من أعلى مستوى. إذ لم تجد المنتخبات الأربعة مشكلا في اختيار مكان إقامتها، بعد أن تم وضع أربعة خيارات أمامها. بينما لا تزال هناك فنادق أخرى فخمة في مدينة "صن سيتي"، مثل فندق "كاسكاد" الذي سيقيم فيه مسؤولو "الكاف". أما في الجزائر، فمدينتان بحجم سطيف ووهران، بما تضمانه من تعداد بشري، لا تملكان ملعبا معشوشبا، وكذلك الأمر بالنسبة لبجاية. بينما في قسنطينة، التي تملك أفضل ملعب في الجزائر حالياً، لا توجد بها فنادق 5 نجوم، وكذلك الأمر بشأن العلمة.
تنظيم كأس إفريقيا يتطلب بناء هياكل في ظرف سنوات لم تبن منذ الاستقلال
ومن المؤكد أن تنظيم كأس إفريقيا، مثلما يأمله الرجل الأول في الاتحادية محمد روراوة الذي أعلن تقديم الجزائر ملفا لتنظيم دورة 2019، يتطلب ملاعب ضخمة في 4 أو 5 مدن على الأقل، فضلا عن فنادق من أعلى مستوى في مدة لا تزيد عن بضع سنوات من الآن. ويبقى السؤال مطروحا إن كانت لنا الإمكانات والجاهزية وكذلك الاستعداد لبناء ملاعب كتلك التي لم يتم بناؤها منذ الاستقلال في البلاد، خاصة أن أكبر المرافق الحالية الموجودة في ولايات الوطن لا يكفي لاحتضان تظاهرة ودية، حتى لا نتحدث عن كأس إفريقيا.
كأس إفريقيا ستبقى كلاماً إن لم ترافقها رغبة صريحة من السلطات العليا
وإذا كان رئيس الإتحادية أعلن موافقة السلطات على فكرة ترشيح الجزائر لاحتضان منافسة كأس إفريقيا، فإن هذه الجهود التي يقوم بها الرجل الأول لن تكون إلا صرخة في واد، إذا ما لم يصاحبها دعم كبير من السلطات العليا للبلاد. لأنك حتى تمتلك مرافق "روستنبورغ" في مدينة واحدة لا يلزمك عصا موسى وإنما إرادة كبرى ودعم إضافي. وعدا ذلك، فإن تنظيم منافسة مثل كأس إفريقيا سيكون مجرد حلم، لا أكثر ولا أقل، ولن تخرج من الأوراق لتكون "مسودة"