"الأغلبية الصامتة" تصنع الحدثكشفت نسبة الإقبال على الانتخابات التشريعية الأخيرة البالغة 44.38 بالمائة من أصل 21.65 مليون ناخب على المستوى الوطني، أن ما يقارب 12 مليون جزائري، تخلفوا عن موعد الخميس "الكبير"، ما يطرح عدة تساؤلات حول هوية هذه الفئة "الساحقة"، التي اتخذت موقفا رافضا لهذه الانتخابات.
والسؤال المطروح، هل من بين هذه الفئة، مناضلون ومتعاطفون مع الأحزاب السياسية التي أعلنت مسبقا أنها غير معنية بهذه الانتخابات ودعت الى مقاطعتها، وفي مقدمتهم الزعيمان التاريخان للجبهة الاسلامية للإنقاذ المحلة "الفيس" عباسي مدني وعلي بلحاج، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية "الأرسيدي"، الذين تحججوا بأن اللعبة مغلقة والفائز معروف مسبقا، أم أن من بيت تلك النسبة مواطنين غير منخرطين في الأحزاب والسياسة وبينهم من لا يملك حتى بطاقة انتخاب، وبينهم عدم مكترثين بالعمليات الانتخابية؟
أما المؤشر الثاني وربما الذي يشكل الغالبية التي تمثل ازيد من 57 بالمائة من الكتلة الناخبة أو ما يطلق عليها اسم "الاغلبية الصامتة" التي لا ترى في هذه الانتخابات أي مخرج للبلاد، لعدة أسباب أهمها فقدانها الثقة في الطبقة السياسية، وربما الغلق السياسي على هذه الأخيرة، حيث أن العديد من الجزائريين لا يعرفون الكثير من الشخصيات السياسية الوطنية، إلى جانب "بديهية التزوير"التي رسخت لدى أذهان الجزائريين، وتفريغ المؤسسات التشريعية من محتواها، من خلال التشريع بالأوامر الذي استحدثه الرئيس بوتفيلقة منذ وصوله الى سدة الحكم .
وبالمقارنة بين نسبة المشاركة في تشريعيات 2012 مع تلك المسجلة في تشريعيات 2007 التي لم تتعد فيها النسبة عتبة 34.51 والتي شاركت فيها 21 تشكيلة سياسية فقط، نجد أن التشكيلات السياسية الجديدة الـ22 التي اقحمت نفسها في هذه الانتخابات، رفقة عشرات القوائم الحرة، ودخول الافافاس بعد 15 سنة من المقاطعة، لم تتمكن جميعا من رفع نسبة اقبال المواطنين على صناديق الاقتراع سوى بـ 8 بالمائة، كما لم تشفع مساعي السلطة لإقناع الجزائريين بالتصويت، من خلال استعماله لمختلف الوسائل ''الترغيبية''، خاصة ما تعلق منها بتنشيط الرئيس بوتفليقة للحملة الانتخابية وتوسله للجزائريين بالتصويت بقوة، وتجنيب البلاد خطر الربيع العربي، والتخويف بالتدخل الاجنبي.