وافق الشيخ رابح سعدان على إجراء حوار لـ
"الهدّاف" والحديث عن مباراة ليبيا – الجزائر فقط، مثلما أكد لنا، لأجل
توعية الجماهير وحثها على التصرّف بطريقة مثالية في هذه المباراة، مذكّرا
بسيناريو مصر والاعتداءات التي تعرّض لها لموشية، حلّيش وصايفي وقتها، أين
طلب تفادي سيناريو مماثل حتى لا تتشوه صورة الجزائر. مشيرا إلى أنه من
الضروري ضبط الأعصاب وترك المهمة للاعبين، الذين في وسعهم التأهل بسهولة
على حد تعبير المدرب الذي صنع أمجاد الكرة الجزائرية، شرط التحضير الجيّد
والفعال للمباراة، فضلا عن التركيز..
سعدان
كيف هي أحوالك "الشيخ" رابح؟على ما يرام، بخير.. شكرا لكم.
في البداية، قبل أسبوع عن مباراة ليبيا، ماذا تقول عنها من وجهة نظرك الشخصية؟أريد
أن أتكلم من جانب آخر ليس عن كرة القدم في حد ذاتها، أقول إن الهدف الأول
من هذه الرياضة في العالم هو الفرجة، ولا تنسوا أيضا أن الإعلام بات له دور
كبير في المعمورة التي تحوّلت إلى قرية صغيرة، وما يحصل في أي مباراة في
العالم يمكن أن يسمع به الجميع لحظة وقوعه، ونحن نتعلم من الأوربيين و
أصحاب المستوى العالي الذين يقدّمون لنا الدروس دائما في احترام القوانين
والمنافس. واليوم (الحوار أجري مساء أمس) سنشاهد مباراة البارصا أمام ريال
مدريد، وهذه المباراة مهما سيشتد فيها التّنافس والحماس بين الفريقين فلن
يؤثر هذا في سلوك الجماهير التي تتصرّف بعفوية داخل الملعب وخارجه، بل
وتجلس إلى جانب بعضها البعض وبالقرب من رئيسي الفريقين. وأضيف لك مثالا بما
أننا نتكلم عن لقاء ليبيا المقبل.
تفضل...المباراة
الثانية التي لعبناها في القاهرة في إطار تصفيات التأهل إلى كأسي العالم
وإفريقيا 2010 يوم 14 نوفمبر 2009، مارس فيها المصريون العنف على لاعبينا،
ولكنهم لم ينتظروا أن تكون نتائجه وخيمة عليهم إلى تلك الدرجة، لم يتوقع
أيّ منهم أن تسوء صورتهم كما حصل، لأنه وبعد 20 دقيقة فقط من الاعتداء على
حافلاتنا وهي في طريقها إلى الفندق، العالم بأسره كان على علم بما حصل، عن
طريق الأنترنت والوسائل التكنولوجية، وهذه الاعتداءات لا تنس أنها أفسدت
كثيرا سمعة المصريين، سواء على الصعيد العربي والعالمي. لا أتكلم عن
التحفيز الذي عادت به علينا، ولكن بهذا المثال أريد أن أوضح حتى تفهم
النّاس أن أيّ خطأ صغير في مباراة دولية سيتم كشفه بسرعة عن طريق التلفزيون
و الأنترنت وكل الوسائل الأخرى. نحن نعيش في قرية صغيرة والمعلومات تنتشر
بسرعة البرق، وأكثر من هذا فإن العالم بأسره يتضامن ضدّ "الحقرة" والظلم،
وقوفاً إلى جانب المظلوم. وهذه نقطة مهمة أؤكد عليها وعلى الجمهور أن
يستوعبها قبل اللّقاء. لم نبق كالسابق أين يصاب لاعب في عين فكرون مثلاً
دون أن نسمع به لا..، ويمكن إسقاط الحدث نفسه على مباراة دولية سيشاهدها
الملايين. لهذا أقول إنه على الجمهور أن يترك الحكم للاعبين على أرضية
الميدان، ونرتقي بأخلاقنا الريّاضية، كما أدعوه إلى تشجيع المنتخب
الجزائري، لكن مع احترام المنافس وجمهوره وكل ما يتعلق بليبيا.
النشيد الوطني للمنافس أيضا يجب احترامه بعدم التصفير عليه، هل من نداء في هذا الإطار؟قلت
لك كلّ ما يتعلق بليبيا، وأي تصرف سلبي علينا أن نعرف أنه قد يكلفنا، هذا
ما أريد قوله. أتذكر في وقت سابق أننا كنا نطلب من الجمهور ألا يلقي
بالألعاب النّارية "الفيميجان" على أرضية الميدان حتى لا يكلّفنا ذلك مع
الاتحاد الإفريقي و التزموا من قبل بالتوصيات رغم أننا في البداية عوقبنا.
وعطفاً على كل ما كنت أقول، فربما لا يعرف البعض أنه في حال القيام بأمور
ما، يمكن للمنتخب أن يخسر المباراة بقرار تأديبي من قبل "الكاف" مهما كانت
نتيجتها الميدانية. حالياً المنتخب الجزائري رمى بخطوة عملاقة نحو التأهل
إلى كأس إفريقيا 2013، و لكن من الممكن أن يسحب منّا التأهل و "يخسّر"
المنتخب تأشيرة التأهل، وهو ما لا نريده أن يحصل. وأضيف لك شيئاً.
تفضل...على
الجمهور احترام قوانين اللّعبة، والمنافس، ولما نقول المنافس، كل ما يتعلق
به لاعبيه، مسؤوليه، جماهيره والنشيد الوطني، وهذا ما لن يحصل إلا برفع
المستوى. الأوربيون بماذا تقدموا علينا؟ فقط بتصرّفاتهم وسلوكاتهم المثالية
في المدرجات، وبين قوسين، سمعت بما حدث في عنّابة في مباراة نصر حسين داي
وتأسفت لأننا أبناء وطن واحد، في وقت نشاهد فريقا في أوربا مهما كان حجمه
يخسر على أرضه وفي مباريات أهم، وتغادر جماهيره المدرجات وهي تصفّق للفائز.
تعرف جمهور البليدة جيداً، كيف تتوقع أن تكون تصرّفاته يوم 14 أكتوبر المقبل؟جمهور
ملعب تشاكر أعرفه جيّدا، وأتذكّر أننا كنّا وجهنا في وقت ما إلى الجمهور
نداءات، طلبنا منه تفادي بعض الأمور وكان واعيا، واعتبر أنه كان له دور
كبير في التأهل في النهاية إلى نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا. وزيادة
على ذلك فإن الجمهور أصبح بمرور الوقت يتصرّف بشكل أفضل، حيث أن رمي
الألعاب النّارية على أرضية الميدان لم يعد يحصل، بل أصبح الجمهور يثور على
كلّ من يرمي "الفيميجان"، وهذا هو دور المناصر الحقيقي، والمستوى العالمي
الذي يتواجد فيه المنتخب الوطني اليوم يفرض ذلك. وهناك أمر لا بدّ من قوله
بالعودة إلى الترتيب الأخير لـ "الفيفا".
ما هو؟المنتخب
الجزائري حالياً يتواجد في المرتبة 24 عالميا، يجب أن يكون الجمهور في
مستوى هذه المرتبة، من خلال السلوك، والوقوف إلى جانب منتخبه بالتشجيع دون
التعرّض إلى المنافس.
هل تشبه هذه المباراة، لقاء مصر، ربما في شيء ما، ما رأيك؟لا،
لا أبدا، ولا أجد أي وجه للمقارنة. هذه المباراة تجرى على أرضية ميداننا، و
أمامنا فرصة كبيرة للتّأهل، وعلى ذكر مصر فعلينا أخذ الدرس مما فعلوه، لا
يجب أن نقع في نفس الأخطاء التي وقعوا فيها معنا، وهذا من خلال استقبال
المنافس في أفضل الظروف الممكنة، علينا احترامهم كإخوة، والميدان هو الذي
يفصل بيننا، ونحن (يتكلم عن المنتخب الجزائري كمناصر) لسنا متخوفين من
الملعب، لأننا سنفوز بسهولة بإذن الله، لأننا نملك منتخبا أفضل بكثير من
اللّيبيين حسب ما لاحظته في المباراة الأخيرة في المغرب. نحن لسنا في حاجة
إلى ممارسات أخرى يمكن أن تؤثر على السير الحسن للمباراة، وما علينا إلا
ترك المهمة للاعبين لتأديتها، وأؤكد على هذا مرة أخرى، من أنه لا يجب أن
نستعمل نفس أسلوب المصريين، هؤلاء "كرهوهم الناس" على ما فعلوه معنا،
وعلينا أخذ العبرة مما وقع سابقا.
تكلّمت
معي قبل التسجيل على نقطة مهمة من أن العنف يمكن أن يؤثّر على مردود
المنتخب الوطني، رأينا المنتخب اللّيبي في مباراة الذهاب بلاعبين على
الأعصاب، يحتجون على أيّ قرار الحكام، تدخلاتهم خشنة، وفي وقت كانوا يبحثون
عن الاشتباك بلاعبي "الخضر"، ألا ترى أن المنافس في مباراة الذهاب خسر
لأنه لم يمكن من الحفاظ على أعصابه باردة؟كانت عليهم ضغوطات
كبيرة من طرف مسؤوليهم، لو لعبوا كرة القدم كما فعلوا في بعض فترات
المباراة بعد 25 دقيقة مثلا من انطلاق المباراة أين كانوا جيّدين، لشكلوا
خطراً كبيرا على الجزائر ولكنهم لم يفعلوا للأسف، حصل هذا مع أنهم فريق
محترم يلعب بطريقة جماعية ممتازة، ولكنهم خرجوا عن جوّ المباراة وتأثروا
بسبب الضغوط المفروضة عليهم، وهذا الأمر لم يعطنا عنهم انطباعا جيّدا ولا
عن الكرة اللّيبية.
نتحدّث عن مباراة الذهاب التي وقع فيها...(يقاطعنا)..
لا أريد أن أتكلم عمّا وقع في لقاء الذهاب، ففي النهاية ورغم ما حصل، يبقى
اللّيبيون إخواننا، يعيشون ظروفا صعبة حاليا مثلما عشناها سنوات
التسعينات، يجب أن نحترمهم، فهم أيضا جيران والجار يمكن أن نحتاجه ويمكن أن
يحتاجنا، ولا يجب أن تكون هناك أجواء أزمة بسبب مباراة في كرة القدم، ولا
يمكن أن نترك مباراة من 90 دقيقة تفسد العلاقات بيننا، وقبل احترام المنتخب
اللّيبي، وهو أمر واجب على الجمهور ولاعبي الجزائر، علينا احترام كرة
القدم ككل، لأن هذه اللّعبة تنصّ على الروح الرياضية وعلى الأخلاق، ولا
يمكن باسم كرة القدم أن نرتكب حماقات أو أخطاءً. نحن منتخب تأهل إلى
المونديال الأخير، وسيشارك - بإذن الله- في كأس إفريقيا، علينا ألا ننزل
بالمستوى. وأتذكر هنا تصرّف أنصارنا في المونديال، حيث وفي المباراة الأولى
حصلت بعض الأمور من خلال اقتحام الميدان أمام "سلوفينيا"، لكن بعدها أمام
إنجلترا والولايات المتحدة كانوا في الموعد وظهروا بصورة محترمة في جنوب
إفريقيا وارتقوا إلى مستوى الحدث العالمي. وكملخص لما قلته فإن، الجمهور
مطالب بالتصرّف بطريقة "جمهور منتخب مونديالي"، ويشرّف الجزائر بالاحترام.
دار اسمك في وقت سابق في محيط المنتخب اللّيبي للإشراف على حظوظه، ماذا تقول عن هذا الأمر؟هذا
أمر هامشي فقط، أنا أردت أن أتكلم عن المباراة في حدّ ذاتها وليس عن نفسي،
لأقول إن كان لمباراة أن تفعل فعلتها بين المنتخبات العربية عندما تلتقي
وجها لوجه، فآمل أن تجمع ولا تفرّق. أقول مرة ثالثة إن الدرس المصري يجب أن
يحفظ، لأنه أثّر سنوات على صورة مصر. مرّت أعوام ولا زال الملايين يتذكرون
الحادثة، لأنهم قاموا بخطأ كبير، فقد كانوا يعتقدون أنه يمكن لما فعلوه أن
يحصل دون أن يسمع أحد، لكن بعد دقائق الخبر انتشر والصور ملأت مواقع
الأنترنت والقنوات التلفزيونية وتلطّخت صورتهم، وأنا على علم أن مباراة
الجزائر – ليبيا سيشاهدها الملايين، ولا يجب أن تنتهي ومنتخب ليبيا
"محقور"، فالعالم يتضامن دائما مع المظلوم.
بالنسبة للمباراة في حدّ ذاتها، كيف تتوقعها؟بتحضير
جيّد من المؤكّد أن المنتخب الجزائري سيفوز بسهولة في هذه المباراة، لكني
أصرّ على نقطة مهمة وهي التركيز الذي يلعب دوراً مهما تحديد في تحديد نتيجة
هذه المباراة، إذا كنا مركزين سنجدّد الانتصار عليهم ونتأهل إلى نهائيات
كأس إفريقيا.
الحكم الرئيسي في مباراة الجزائر – رواندا في البليدة سيكون حاضرا من جديد في هذا اللّقاء ولكن حكما رابعا، ما قولك؟(يضحك)..
هو بنفسه الذي أدار تلك المباراة؟ في إفريقيا تعرفون كل شيء و لست بحاجة
إلى الحديث عن الرشاوى والأمور الجانبية التي تحدّد نتائج المباريات. ولكن
أقول إن التحكيم جزء مهم في تحديد نتائج المباريات، ولا أتوقع أن يفسد
المباراة، رغم أنه يمكن توقع أيّ شيء.
ماذا تضيف؟يجب
أن تكون هناك مساحة للتسامح، ونبادر إلى تهدئة الجو في هذه المباراة، التي
ما هي إلا 90 دقيقة، يجب أن يكون هناك استقبال حار ومن أعلى مستوى
للمنافس، من طرف الأنصار الذين لهم دور في النتائج المحققة، والمنتخب
الحالي هو منتخب مونديالي، لهذا علينا انتظار تصرّفات من أعلى مستوى،
وشخصيا لست خائفا من جمهور ملعب تشاكر بالبليدة، وكل ما في الأمر أنه لا بد
من الحديث مرة أخرى والتذكير، فهذا ضروري لأن الناس ربما لا تعرف أن بعض
التصرّفات التي قد تبدو تافهة يمكنها أن تؤدّي إلى ما لا يحمد عقباه.
شكرا لك "شيخ" على رحابة صدرك ونتشرّف بنقل ما قلته للجماهير التي ستسمع دون شك رأيك وتلتزم حتى لا تكلّف المنتخب؟لا
شكر على واجب. لم أكن أريد أن أتكلم عن المباراة لأن المنتخب الجزائري له
مدربه و "ربي يعينو"، ومادامت الفرصة جاءت فقد استغللتها لمخاطبة الجمهور،
والتهدئة سعيا إلى تخفيف الأجواء، قبل هذه المباراة التي نستقبل فيها
إخواننا اللّيبيين الذين لن نخسرهم بعد هذا اللّقاء.