"الهدّاف" تشرّفت باستضافتهما توفيق مخلوفي وأنيس سنوسي مثالان في النجاح الرياضي والدراسي

لم يكن يوم الخميس الماضي عاديا في مقرّ جريدة "الهداف" لأننا حظينا بشرف استضافة البطل توفيق مخلوفي صاحب الميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية التي جرت فعالياتها خلال شهر أوت الماضي بلندن، وهي الزيارة التي أماط فيها ابن ولاية سوق أهراس اللثام عن وجهه الآخر الذي لم نكن نعرفه من قبل، وأبينا إلا أن نستغل الفرصة كي يحاوره بمناسبة زيارته حتى يكتشف الجزائريون الوجه الآخر لمن أدخل الفرحة إلى قلوبهم وبيوتهم في شهر رمضان الماضي، وأبت "الهداف" إلا أن تجمع أبرز الناجحين الجزائريين في مكتبها في جلسة عائلية تمنينا ألا تُكتب لها نهاية، حيث استضفنا أيضا التلميذ النابغة أنيس سنوسي صاحب أعلى معدل في امتحان شهادة البكالوريا بالجزائر وهو معدل 18.99، حيث حلّ ضيفا علينا وكشف لنا في ثاني حوار له معنا عن أهدافه مستقبلا.

مخلوفي جلب لنا أغلى هدية ... الميدالية الذهبية

ولم يأت مخلوفي إلينا خالي اليدين بل جلب لنا أغلى هدية ألا وهي الميدالية الذهبية التي تعب لأجل الحصول عليها في لندن، ومنحنا ليس فقط فرصة تبادل أطراف الحديث معه واكتشاف وجهه الآخر من خلال أسئلتنا الكثيرة، بل أنه منحنا فرصة الإطلاع على الميدالية التي جعلت نساء الجزائر تزغردن في سهرة من سهرات رمضان مباشرة بعدما حل بخط الوصول في سباق 1500 مترا، زغاريد أعلنت تتويج مخلوفي وتتويج الجزائر يومها بأول ميدالية ذهبية للعرب ككل في الأولمبياد.

الأمر نفس بالنسبة لـ أنيس سنوسي الذي اختار اختصاص الطب بعدما اقتحم أسوار الجامعة من أوسع الأبواب، فهو الآخر لم يأت خالي اليدين بل حمل معه الميدالية التي قلّده إياها فخامة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ومنحنا فرصة التقاط صور للذكرى بها.

صحيح أنه بطل أولمبي وأنه وصل إلى العالمية وأدخل الفرحة إلى كل القلوب وصار مشهورا والمطلوب رقم واحد لوسائل الإعلام منذ إنجازه الكبير، لكننا لم نشعر للحظة بأننا نجلس مع شخص فوق العادة أو متكبّر أو يضع بيننا وبينه حدودا لأنه صار نجما عالميا، بل أن توفيق وضعنا في ظروف مريحة وهو يحل ضيفا علينا فاكتشفنا فيه مواصفات المواطن الجزائري الأصيل، البسيط، المتواضع، الطيب، الحنون والصريح أيضا والفكاهي كذلك لأن جلسته معنا لم تخل من الدعابة والفكاهة منذ وصوله في حدود الساعة الخامسة مساء إلى غاية مغادرته على الثامنة ليلا.

"الهداف" جمعت الناجحين تحت سقف واحد واختارت مثالين لذلك، اختارت من نجح رياضيا ألا وهو مخلوفي ومن نجح دراسيا ألا وهو أنيس سنوسي، والفرصة كانت مواتية لكي يلتقيا ويتبادلا أطراف الحديث ووجهات النظر حول الأسباب التي جعلت كل واحد منهما يسطر هدفا معينا في حياته، فذكر مخلوفي الأسباب التي جعلته يتخلى عن الدراسة ويركز على الرياضة، بينما عدّد سنوسي الأسباب التي جعلته يتخلى عن كرة القدم ويتابع دراسته، قبل أن يسدي له مخلوفي نصائح طالبه فيها بالتضحية، المعاناة والصبر كي يصبح طبيبا كبيرا مثلما يهدف الطالب أنيس مستقبلا.

مخلوفي بصراحته اعترف لنا خلال حديثه معنا بأنه كان تلميذا جيدا ووصل إلى القسم النهائي في الثانوية لكنه فشل في نيل شهادة الباكالوريا في مناسبتين، واعترف في الوقت ذاته بأن تركيزه على الرياضة وألعاب القوى هو الذي جعله يفشل، وفي خرجة من خرجاته المضحكة قال لنا: "في المرة الأولى التي ترشحت لشهادة الباكالوريا شرعت في المراجعة وأنا في طريقي إلى مركز الإمتحان وحصلت على معدل 7.50، وفي المرة الثانية شرعت في المراجعة ثلاثة أيام قبل الإمتحان لكني تأخرت وتحصلت على معدل 6.10"، قبل أن يضيف: "اليوم أفكر في مواصلة دراستي وأتمنى أن أحصل على الوقت لأن وقت العداء ضيق، فأنا مرتبط بتجمعات ومسابقات لذلك عليّ أن أبحث عن وقت كاف كي أترشح مجددا لشهادة الباكالوريا".

وقبل أن نشرع في محاورته لبّى مخلوفي رغبة كل أعضاء طاقم "الهداف" والتقط معهم جميعا صورا للذكرى بالميدالية الذهبية التي توّج بها، ورغم أن التهافت عليه كان كبيرا إلا أنه بصدر رحب لبى رغبة الجميع ولم يتوقف عن خرجاته المضحكة تجاه كل من يلتقط صورا معه، قبل أن يحصل على صورة مكبّرة كهدية له من طرف مدير الجريدة السيد نبيل عمرة ويمضي في نهاية المطاف على الكتاب الذهبي لـ "الهداف" لينضم إلى النجوم الكبار الذين وقّعوا عليه من قبل.

---------------------------------------

لا شكر على واجب، لم يكن بإمكاني رفض دعوتكم لأنني أرغب دوما في التواصل مع الشعب الجزائري الذي يعدّ في الوقت الحالي رأس مالي، وبالتالي لبّيت الدعوة بصدر رحب وأنا تحت التصرّف متى أردتموني عندكم.

فيما يخصّ شخصيتي أؤكد أنّني لم أتغيّر فمخلوفي الذي عرفه الناس المقربون منه من قبل لا زال نفسه ذلك الشخص المتواضع الذي يحبّ ويتواصل مع الكلّ، لكن هناك أمور عديدة تغيّرت لأنّ الأضواء صارت تسلّط عليّ بعد حصولي على الميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية بلندن، ومن بينها أنني صرت أشعر بمسؤولية أكبر من ذي قبل، في السابق لم يكن هناك ضغط شديد عليّ ولا أحد كان يعرفني ولا أحد كان ينتظر مني أن أحقّق ما حققته، اليوم المسؤولية صارت أثقل والأهداف صارت واضحة ألا وهي السعي وراء الظفر بالميداليات ورفع راية الوطن في التحديات الرسمية مستقبلا، وأتمنى أن أكون في مستوى الثقة التي يضعها الشعب الجزائري فيّ.

نعم أكثر شهرة من ذي قبل وهذا أمر حتمي لأنّ الإنجاز الذي حقّقته هو الذي حوّلني من عدّاء عادي إلى عدّاء معروف على الساحة الدولية، ثم أنّ تمثيلي للأمة العربية والأمة المسلمة ككل في هذا المحفل الدولي زادني شهرة، والآن أنا أحاول أن أتأقلم مع هذا التحوّل الجذري في حياتي وأحاول في نفس الوقت أن أحافظ على تواضعي، لأنني شخص متواضع وعليّ أن أضع أقدامي على الأرض مهما حصل.