ثلاثة أيام قبل المواجهة...
المنتخب الوطني
وصولنا إلى الدار البيضاء المغربية
لتغطية مباراة ليبيا – الجزائر المقررة بعد 3 أيام من الآن، كان السبت
الماضي، حللنا بعد منتصف النهار بمطار محمد الخامس، وقبل أن نختم جوازات
سفرنا لنباشر مهمتنا سألنا موظف الشباك عن سبب تواجدنا في المغرب وطبيعة
العمل الذي سنقوم به، فلما أعلمناه بوجود مباراة تصفوية في إطار كأس
إفريقيا، استغرب عدم علمه، ليسأل زميلا له، لم يكن هو الآخر يمتلك معلومات،
وحتى السائق الذي أقلنا إلى النزل لم يكن على بينة من أمر هذه المباراة،
وفي الفندق الذي نقيم به قيل لنا إن كثيرا من الجزائريين يتواجدون هنا،
جاؤوا للسياحة فقط ولما سألنا عما إذا كان منهم من جاء خصيصا للمباراة
سألونا عن أي مباراة نتكلم.
تجاهل المغاربة للمباراة فاجأناوطيلة
أيام مكوثنا في الدار البيضاء وجدنا من يعرف بأن لقاء ليبيا والجزائر تقرر
نقله إلى الدار البيضاء المغربية بقرار من "الكاف" نتيجة الظروف الخاصة
التي يمر بها اللّيبيون، ولكن لم نلتق إلا عددا قليلا بل يحسب على أصابع
اليد الواحدة من الذين أكدوا لنا أنهم سيذهبون إلى الملعب، أحدهم سألنا عن
أسعار التذاكر قال لنا بعد أن أجبناه: "عوض متابعة مباراة لا تهمني والعودة
إلى بيتي في التاسعة ليلا وقد دفعت تذكرة بقيمة 50 درهما (حوالي 750
دينارا) من الأفضل لي أن أعود إلى بيتي أشاهد فيه المباراة بالمجان وأحمل
معي ما لذ وطاب"، ولما كنا بصدد تجاذب أطراف الحديث معه كان أحد المغاربة
يستمع إلى ما يجري بيننا بفضول زائد قبل أن يستفزنا قائلا: "سنشجع ليبيا،
وستخسرون بنتيجة ثقيلة" قبل أن يمضي في حال سبيله.
بعض المتعصبين استفزونا وأكدوا أن ليبيا ستفوز على "الخضر"هذا
الاستفزاز، وغيره من ردود الأفعال السلبية تأتي من بعض المتعصبين وأصحاب
المواقف المتصلبة الذين يؤكدون أنهم سيناصرون ليبيا نكاية في الجزائر،
أغلبهم يحمل موقفا سلبيا من الجزائر لأسباب قد تكون سياسية من خلال عدم فتح
الحدود إلى الآن متأثرين بحملات بعض الصحف ضد بلادنا، أو لأسباب رياضية
تتعلق بالتنافس بين المنتخبين أو حتى الحرب الإلكترونية على شبكة الأنترنت
بين الطرفين التي استفحلت مؤخرا على "الفايسبوك" وكان أحد هؤلاء ونحن نشاهد
تدريبات المنتخب الليبي من ملعب مولاي الرشيد الحي الشعبي الفقير، قال لنا
بعد أن عرف بأننا جزائريون: "المنتخب الليبي قوي، شاهدوا تدريباته
وستتأكدون من أنه سيكون الطرف الذي يفوز".
المغاربة عموما مسالمون ويحبون الجزائريينعلى
النقيض من ذلك، كثير من المغاربة يتكلمون عن الجزائر وكأنهم يتكلمون عن
بلدهم، وعبارة "بحال بحال" (الأمر نفسه) على لسان أغلبهم، يقولون إن
السياسة لا يمكن أن تفرق بين شعبين تربطهما علاقات طويلة ومتجذرة عبر
التاريخ، علاقات أخوة وتصاهر ودم ونسب وكل شيء، يرحبون بنا بكل العبارات
اللطيفة، ويفرشون لنا محلاتهم وحتى بيوتهم إن أردنا، من هم من هذا النوع
كثيرون لأن المغربي معروف أنه مسالم وصادق في مشاعره التي ليس فيها بعض
النفاق لأنهم بشكل عام يحبوننا ويحترموننا ولا يمكن لأي شيء أن يؤثر في هذه
العلاقة، خاصة من زاروا الجزائر لما كانت الحدود مفتوحة قبل سنة 1993 حيث
يتكلمون عن ذلك بشوق كبير ويتمنون لو أن تلك الأيام تعود.
تاجر في باب مراكش: "هذا علم للجزائر وآخر للمغرب عربون محبة، هدية مني إليكم" من
بين هؤلاء صاحب طاولة لبيع بعض التذكارات المغربية في باب مراكش السوق
الشعبي (سويقة) الواقع في قلب العاصمة الاقتصادية، يسمى أبو بكر، قصدناه في
بداية الروبورتاج لأجل معرفة موقفه من مباراة ليبيا – الجزائر وإلى أي كفة
سيميل لكنه قال لنا بالحرف الواحد: "أنا لست مولعا بكرة القدم، لم أتابع
مباراة في حياتي، لقاء في الكرة مدته 90 دقيقة وقت طويل بالنسبة لي"، ولما
أردنا أن نودعه ونتمنى له التوفيق بما أن بعض الزبائن كانوا بصدد اقتناء
بعض التذكارات، قام من مكانه وانتزع علما جزائريا كان معلقا وآخر مغربيا في
الدرج طولهما متران وضعهما في كيس وقال لنا: "هذه هدية مني، إنها عربون
محبة لأجل استمرار علاقة المحبة بين الشعبين، علاقتنا يجب أن تبقى إلى
الأبد، نحن نحبكم في الله".
عامل في مكتب صرف: "أنا قبائلي وأحب الجزائر لكنني أميل إلى ليبيا"خرجنا
بعد ذلك من باب مراكش إلى مكتب لتبديل العملة فاستقبلنا فريد إفكيرن
بابتسامة عريضة، ولما قدمنا له أنفسنا كجزائريين جئنا لتغطية مباراة
الجزائر وليبيا رحب بنا وقال إنه سيتابع المباراة على شاشة التلفزيون
باهتمام كبير لأنها مباراة منتخبين شقيقين ولما سألناه عن المنتخب الذي
يشجعه قال لنا: "أنا شلحي (قبائلي) من نواحي أغادير، أحب الجزائر شعبا
ومنتخبا ولكن المنتخب الليبي يمر بظروف صعبة وأميل إلى تشجيعه، لا تنسوا
أنهم هم من استجاروا بنا وطلبوا اللّعب في المغرب، وثانيا لو كانوا في عهد
القذافي لناصرت الجزائر، هم في عهد جديد وبحاجة إلى دعم الجمهور المغربي،
أنا سأناصرهم من بعيد لأنني لن أذهب إلى الملعب".
شبيه زماموش مع الجزائر قلبا وقالبا وسيكون في الملعب وفي
النزل الذي نقيم فيه "معمورة" غير البعيد عن فندق "شيراطون" مقر إقامة
المنتخب الوطني، تفاجأنا بشخص يشبه زماموش، اعتقدنا أنه حارس المنتخب
الوطني لأن الشبه بينهما كبير، تبين فيما بعد أنه موظف في الفندق من منطقة
ورزازات ويملك علاقات طيبة مع كثير من الجزائريين، حيث قال لنا دون سابق
سؤال إنه سيشجع المنتخب الجزائري، بل أشار إلى أنه سيلبس القميص الذي يملكه
الخاص بالمنتخب الوطني وينزل إلى الملعب مشجعا المنتخب الوطني، لأن
المباراة تأتي في نهاية دوامه وهي فرصة رآها من ذهب لأجل الوقوف خلف
"الخضر" الذين يعرفهم لاعبا لاعبا.
صاحب طاولة لبيع الملابس: "ستفوزون 0-2 وسيسجل صاحب هذا القميص" بعدها،
كانت الوجهة حي القريعة الذي يقصده كثير من الجزائريين لأجل التسوق في
محلاته التجارية للألبسة الجاهزة، وبعد جولة خفيفة تفاجأنا بأحد أصحاب
الطاولات الذي يضع سلعته تعرف علينا من لهجة الكلام، ومباشرة قال لنا:
"هاهو قميص بودبوز، اللاعب الجزائري بـ 30 درهما فقط"، وكان قد أظهر لنا
قميصا بالرقم 10 للاعب "سوشو" الفرنسي، فوجدناها فرصة لنسأله عن مباراة
التاسع سبتمبر فقال لنا: "ستكون مباراة كبيرة، والفوز فيها دون شك للجزائر
بهدفين نظيفين وأحد الأهداف سيسجلها صاحب هذا القميص"، قبل أن يضيف لنا:
"ما رأيكم الآن؟ هل تشترون هذا القميص أم لا؟" متمنيا في النهاية التوفيق
للمنتخبين في المباراة التي قال لنا إنه لن يتابعها لأنه سيكون منشغلا
بالعمل.
صاحب محل للملابس: "بلغوا تحياتي إلى عنتر يحيى" بعد
ذلك، كان لنا لقاء مع صاحب محل لبيع الملابس في الحي نفسه ويتعلق الأمر
بهلالي محمد وبعد أن قدمنا له أنفسنا، أكد لنا أنه يعرف جريدة "الهدّاف"
الرياضية الأولى في الجزائر ويتابعها بين الحين والآخر عندما يتسنى له
الوقت عبر موقعها الإلكتروني، سألناه عن موقعه من المباراة المنتظرة الأحد
المقبل والفريق الذي يشجع فرد علينا بكل صراحة: "أنا أميل إلى الجزائر ولكن
في النهاية أقول إن كل المنتخبات العربية تأتي في مقام واحد، لأنها بحال
بحال عدا المنتخب المصري، وبالمناسبة بلغوا تحياتي عبر الهدّاف إلى عنتر
يحيى، قولوا له إننا لم ننم بعد هدفه التاريخي في السودان".
منسق المباراة: "حليلوزيتش صديقي لكنني محايد" من
جهة أخرى، سألنا منسق المباراة والأمور التنظيمية مصطفى دحنان مسير الرجاء
البيضاوي عن اللّقاء والطرف الذي يميل إليه، فرد علينا بالقول: "اللي في
القلب في القلب"، قبل أن يؤكد لنا على ما قاله: "أنا عضو في لجنة تنظيم
مباراة ليبيا – الجزائر حيث أني منسق اللّقاء وقد حضرت كل الاجتماعات
التنظيمية مع أعلى سلطات المدينة، لي دور واحد وهو أن تمر المباراة في ظروف
عادية ورياضية ومن يفز في الأخير هو الذي يقدم كل شيء على أرضية الميدان
هذا أمر واضح"، ليردف قائلا: "حليلوزيتش صديقي وها هي الفرصة جاءت لكي
ألتقيه ولكن عليّ أن أكون محايدا لأن وظيفتي في هذه المباراة تفرض ذلك".
مدرب الرشاد البرنوصي: "أميل أكثر إلى الجزائر بحكم الدم الواحد"من
جهة أخرى، كنا قد استغللنا فرصة مباراة ليبيا – الرشاد البرنوصي التي لعبت
الأحد الماضي وسألنا مدرب الفريق المغربي نجيب الحنون عن هذه المباراة
والمنتخب الذي سيشجعه، فقال لنا: "المباراة ستكون صعبة، وحتى لو خسر
المنتخب الجزائري هنا بأخف الأضرار فهو قادر على العودة في النتيجة والتأهل
في الجزائر ولكن لا أقول إنه في غير وسعه العودة بفوز، كل شيء ممكن وفي
متناول الفريق الجزائري بلاعبين مثل فغولي وبودبوز، شخصيا هي مباراة عربية –
عربية لا أفضل فريقا بعينه ولكن في النهاية أقول إنني أميل أكثر إلى
الجزائر بحكم أن دماءً واحدة تقريبا تجري في عروقنا".
محمد رزقي (وكيل أعمال معتمد): "الجزائر بلدي الثاني والجمهور المغربي لن يخيبني" من
جهته، محمد رزقي وكيل الأعمال المعتمد من طرف "الفيفا" قال لنا عن
المباراة إنها ستكون مثيرة لأن المنتخب الليبي تحسن كثيرا، وأضاف هذا
المناجير الذي سبق له أن قام بصفقات في الجزائر لما جلب المدرب البرازيلي
"دوس سانتوس" إلى شباب قسنطينة مطلع الموسم الماضي إنه يتصور أن المنتخب
الجزائري يملك الحلول التي تساعده على تحقيق الفوز، وأردف يقول: " ثقتي
كبيرة بوحيد حليلوزيتش الذي سيجلب جمهور الرجاء بقوة إلى الملعب، وشخصيا
أميل إلى الوداد البيضاوي وسأشجع الجزائر التي أعتبرها بلدي الثاني،
والجمهور المغربي في رأيي لن يخيبني وسيناصر الجزائر التي تعلقت بها أكثر
عند زيارتها، إلى درجة أنني اخترت زوجتي منها".
عضو في "إلترا وينرز" للوداد البيضاوي: "سنكون في الملعب لتشجيع ليبيا" وإذا
كان كثيرون جاملونا لأننا جزائريون وأكدوا لنا أنهم سيناصرون الجزائر ولو
دون الذهاب إلى الملعب، فإن عضوا مهما في "إلترا وينرز" الخاصة بأنصار
الوداد ويتعلق الأمر بعديل وادوش كان صريحا معنا عندما اتصلنا به يوم أمس
هاتفيا، لنسأله عن رأيه في المباراة ومن سيشجع بحكم أنه عضو في أكبر
"إلترا" تشجع الفريق العريق، فقال لنا: "دون لف ولا دوران، سأكون مع ليبيا،
وسنذهب إلى الملعب لأجل ذلك، لن أقول إننا سنكون بقوة ولكن سنكون معهم،
لأننا نعرف أن جمهورهم سيكون قليلا وهم بحاجة إلينا، يجب ألا تفهموا أننا
ضدكم بل نحن نحترمكم، إنه خيار شخصي يجب أن تحترموه أنتم أيضا".
هشام رمرام (صحفي إذاعة مارس): "الجمهور المغربي قد يناصر ليبيا إذا كان عدد أنصارها قليلا" سألنا
الصحفي المغربي هشام رمرام الذي يشتغل لفائدة "راديو مارس" عن رأيه في
اللقاء والمنتخب الذي سيشجعه الجمهور المغربي، فقال لنا: "هناك انقسام ولا
يمكن القول إن هناك منتخبا سيناصره الجمهور المغربي على حساب آخر، الأمر
الذي أؤكد أنه سيكون قليلاً للغاية لأن العطلة انتهت والمباراة لا تهم
الجمهور كثيرا إلا بعض المهتمين، أعتقد أن الجمهور المغربي قد يناصر ليبيا
إذا كان عدد جمهورها في المدرجات قليلا أما في حال أخرى فأعتقد أنه سيفضل
الحياد، هذا ما يبدو لي حتى الساعة".
الخلاصة
المغاربة: "لسنا مهتمين كثيرا وهدفنا ألا نخسر أحدا"وكخلاصة
لكل ما جاء في هذا الروبورتاج قال لنا سائق سيارة أجرة أقلنا إلى ملعب
مولاي الرشيد لمشاهدة تدريبات المنتخب الليبي: "المغرب يجب أن يكون محايدا،
لأن المباراة لا تهمه، إذا ناصرنا الجزائر سنغيظ الليبيين والعكس صحيح،
وعلى هذا الأساس هدفنا أن لا نخسر أي أحد وتنتهي المباراة في روح رياضية
عالية على أرضية الميدان لنؤكد أن المغرب قادر على النجاح في تنظيم مثل هذه
المباريات"، وهو تقريبا ما قاله لنا مدير ملعب محمد الخامس فريد مير الذي
قال زبدة الكلام: "مهما كان حجم الإقبال، هدفنا أن يغادر الكل راضيا ويبقى
الحديث فقط عن المباراة وما دار فيها وليس شيئاً آخر".