نجحت وزارة الدفاع، في الذكرى الخمسين لإستقلال الجزائر،من صنع مدفع "بابا مرزوق" مقلد للمدفع الذي صادره المحتل الفرنسي سنة 1830 وأخذه إلى فرنسا أين وضعه كنصب في إحدى ساحات مدينة "بيرست" وفوقه ديك رومي إلى غاية اليوم.
فرنسا لا تزال تنتقم من أسير عمره 466 سنة
"بابا مرزوڤ" هو من أقدم المدافع وأشهرها تم صنعه من مادة البرونز بمصنع دار النحاس في سنة 1542م من طرف مهندس من البندقية وكان ذلك احتفاء بانتهاء أشغال بناء تحصينات الرصيف الذي يربط البنيون بمدينة الجزائر ودار الصناعة وتم وضعه داخل تحصينات الميناء قرب برج القومان حيث بقي حتى سنة 1830، حمل اسم لوكنسولار Le consulaire استولى عليه عند احتلال الجزائر ضمن مجموعة الغنائم التّذكارية لعرضها في متحف "الأنفاليد" بالعاصمة الفرنسية باريس بناء على رغبة الأميرال "دوبيري" الذي راسل وزير البحرية الفرنسية في 6 أوت 1830 يطلب السماح بنقل هذه القطعة الحربية التي أهدرت رغبة الجيوش الفرنسية لسنوات خلت إلى مدينة بريست Brest حيث تم نصبها في ساحة الترسانة في سنة 1833 أي بعد ثلاث سنوات من احتلال الجزائر، قبل أن يتم في السنوات الموالية وضع ديك رومي مصنوع بالبرونز فوقه.
"بابا مرزوق" في 30 يوما وفرنسا تحت الصدمة
تمكنت القوات البحرية التابعة لوزارة الدفاع الوطني، من صنع مدفع "بابا مرزوق" العملاق طبقا للأصل،بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، والذي لم يكن مجرد قطعة عسكرية عادية بل كان رمزا لقوة الجزائر العسكرية، وعن كيفية صنعه قال أحد المساهمين في صناعته بالقوات البحرية العقيد لطفي بداوي في تصريح لـ "الشروق"، أنهم قاموا بإجراء بحث للحصول على أدق التفاصيل والمقاييس والمواصفات التي استعملت في صناعة "بابا مرزوق" الحقيقي والإرادة القوية للقوات البحرية، مكنتها من صنعه بنفس المواصفات بمؤسسة البناء والتصليح البحري بالمرسى الكبير بوهران.
وأضاف محدثنا أن مسافة قذف مدفع بابا مرزوق المقلد تتجاوز الـ 5 كلم، وهي نفس مسافة قذف المدفع الأصلي فيما يبلغ طوله 7.5 متر، مؤكدا أن هذا المدفع تم إنجازه في ظرف لم يتجاوز 30 يوما فقط بسبب حصول القوات البحرية على جميع المعلومات وتفاصيل الخاصة بصنعه وتركيبه.
وبخصوص المجهودات التي بذلتها السلطات الجزائرية لاسترجاع مدفع "بابا مرزوق" ورفض السلطات الفرنسية إرجاعه إلى الجزائر قال العقيد لطفي بداوي، رغم محاولات استعادته إلا أن البحرية الفرنسية ترفض ذلك باستمرار خوفا من أن ينكشف عار الفرنسيين الذي تسبب فيه هذا المدفع العملاق. فكم من فرنسي وضع في فوهته وأطلق كقذيفة إلى البحر وكم من مفخرة حققها للأسطول الجزائري على مدار سنوات طويلة، حيث يروي بعض المؤرخين أن أحد دايات الجزائر الذين جاؤوا بعد وفاة حسن باشا غضب من القنصل الفرنسي وهو "الأب فاشر" سفير الملك لويس الرابع عشر بالجزائر الذي ساعد بتقاريره الاستخبارية الأميرال ابراهام دوكاسن في حملته الفاشلة لغزو الجزائر فوضعه أمام فوهة مدفع "بابا مرزوق" وقصف به السفينة التي تقل قائد الحملة، ومن هنا أصبح الفرنسيون يسمون مدفع بابا مرزوق "لاكونسيلار".