ديكتاتورية حليلوزيتش اصطدمت بالعقلية الجزائرية والمخلفات بدأت بالظهور

نصب حليلوزيتش على رأس المنتخب الوطني يوم 1 جويلية 2010، وسط تأكيد من كل من عرفوه أنه مدرب صارم، ديكتاتور ولا يقبل مناقشة قرارته،

وبعد أكثر من عشرة أشهر على رأس العارضة الفنية لـ "الخضر"، بصرف النظر عما حققه من نتائج إيجابية، بدا للملاحظين أن رؤية المدرب الأحادية وقراراته غير المنتظرة، بدأت تترك آثارها على المنتخب من خلال ما يحصل. وكانت القطرة التي أفاضت الكأس قرار اعتزال 3 لاعبين في توقيت متزامن، ما جعل الكل يطرح سؤالا واحدا هو هل قصد هؤلاء وضع "الكوتش وحيد" في ورطة، ولفت الأنظار إلى صعوبة التعايش معه؟ خاصة أنه أبعد زياني وفتّت وحدة 4 لاعبين قضوا في المنتخب 8 سنوات دون انقطاع.
أبعد العيفاوي، عاقب بودبوز ودخل في خلاف مع زياني وعبدون
حليلوزيتش الذي فتح الأبواب للجميع في البداية، استدعى منذ أول تربص برمجه يوم 7 أوت 2011 أكثر من 40 لاعبا، لكنه ظل يتجاهل عبدون دون أن يشرح الأسباب الحقيقة، ثم دخل حربا معلنة معه زاد من حدتها رسالة مررها له عبر الأثير، قائلا له إن حجز مكانة في المنتخب لا يكون على صدر الصحف، قبل أن يرد عليه عبدون أنه مبعد لأسباب رياضية. كما يواصل حليلوزيتش تناسي زياني كما يقول "احتراما له"، في خطوة تم تفسيرها على أساس أنه يريد أن يجبره على الاعتزال، وكان المدرب السابق لليل الفرنسي قد أبعد العيفاوي عقب أول مباراة رسمية في تنزانيا، بسبب تصريحاته التي لم يتقبلها فقرر وضعه في الثلاجة، وقبل ذلك يتذكر الكل كيف أنه عاقب بودبوز بمبارتين بعد سوء تفاهم، جعل نجم سوشو يغيب عن أول تربص في ماركوسي بضواحي باريس.
مترف وبلحاج طلبا منه أن لا يستدعيهما وفابر لمّح له إلى ذلك
ولم ينتظر أحد أن يصل الأمر بلاعب محلي هو مترف لأن يطلب من النّاخب أن لا يستدعيه مجددا، لكن لاعب شبيبة القبائل فعل ذلك بعد مباراة غامبيا، وعندما يعرف السبب يبطل العجب كما يقال، لكن مترف يبقى ملتزما الصمت والظاهر أن شعوره بأنه لن يوظف مستقبلا مع المدرب البوسني جعله يتقدم بهذا الطلب، مثلما فعل بلحاج قبل المباراة المذكورة، وإن كان السبب الذي تم سياقته وقتها هو المشاكل العائلية إلا أن هناك فرضية أخرى تتعلّق بتفضيل المدرب مصباح عليه وثنائه الدائم عليه، وقبلهما هناك من طلب من الناخب الوطني عدم توجيه الدعوة له ولو بشكل ضمني، ويتعلق الأمر بالحارس ميكائيل فابر في تصريحات أطلقها بداية العام.
التأخر معه دقيقة يكلّف، وبعض الاحتياطيين في غامبيا ينتظرون مصيرهم
حليلوزيتش ورغم معرفته بصعوبة العقلية الجزائرية التي تبقى خاصة، إلا أنه حاول بكل ما أوتي من قوة أن يبقي على قبضته الحديدية، إذ لا زال في قاموسه التأخر دقيقة يكلف صاحبه الخروج من قائمة 18، كما فعل مع بوعزة قبل مباراة إفريقيا الوسطى. علما بأن الناخب الوطني لم يتقبل تماما تذمر بعض الاحتياطيين في لقاء غامبيا، وعبر عن ذلك صراحة حيث قال إن هناك من اللاعبين من لم يفرح بالانتصار، ما يجعل بعض العناصر بانتظار قراراته، حيث يحتمل أن يقصي بعض اللاعبين في قائمته المقبلة، لأنهم لم يفرحوا مع زملائهم بشكل أقنعه بأنهم يناقشون قراراته غير القابلة إلى التشكيك.
تفضيله بوعزة، وثناؤه الدائم على فغولي يثيران استياء بعض اللاعبين
نقطة أخرى كان لها مفعولها وسط المجموعة، وتتعلق بثناء حليلوزيتش الدائم على الوافد الجديد فغولي، حيث من الطبيعي أن لا يتقبل لاعبون قضوا سنوات في المنتخب أن يحظى لاعب جديد مهما كان مستواه بهذا الترحاب، من مدرب تعوّد أن لا يرمي الورود باتجاه أحد. كما أن تفضيل البوسني اللاعب بوعزة رغم نقص المنافسة لديه كل مرة، من شأنه أن يفقده مصداقيته وسط المجموعة، خاصة أمام لاعبين يحرمون من الاستدعاء دون سبب، كما حصل مع جبور قبل مباراة غامبيا الأخيرة حيث كان قد شفي، ولكن حليلوزيتش بقي يصرّح أنه لم يتعاف، مثلما اتخذ الإصابة ذريعة قبل مباراة إفريقيا الوسطى للتّخلي عن زياني.
هل قصد المعتزلون "وضعه في ورطة"؟
وإذا كان الكل حلّل ونظر في قضية اعتزال 3 لاعبين في وقت واحد، فإن السؤال الذي طرح كثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، هو هل قصد هؤلاء وضع الناخب الوطني في ورطة من خلال خلط أوراقه قبل أقل من أسابيع عن مباريات مهمة للغاية، أو أنهم فعلوا ذلك لأجل لفت الانتباه إلى صعوبة التعايش معه كمجموعة واحدة، أو خوفا من مصير زياني الذي لم يتصور أحد أنه سيهمش بهذه الطريقة، رغم كل ما قدمه للمنتخب وما يقدمه في الدور القطري. حيث يرى الملاحظون أن هؤلاء اللاعبين لم يجدوا المناخ الملائم لهم فقرروا وضع حد لمشوارهم، لاسيما وهم يعرفون أن الرجل لن يغادر سريعا المنتخب، وسيقضي به وقتا طويلا وهو الذي وضع برنامج عمل لسنوات.
80,92 بالمئة على صفحة "الهدّاف" يعتقدون أن الإعتزال مؤامرة تستهدف حليلوزيتش
في سبر آراء قمنا به على الصفحة الرسمية لـ "الهداف"، على موقع "فايسبوك" ومن عينة من 3696 (إلى غاية منتصف نهار أمس) رأى 2991 أن اعتزال هؤلاء مؤامرة، بينما رأى 705 فقط أن الأمر يتعلق بفعل بريء وفردي. وبكل تأكيد عندما يتم الحديث من طرف 80.92 بالمئة عن مؤامرة، فإن هدفها دون شك هو حليلوزيتش الذي يستحق أن نطرح سؤالا في هذه الحالة، هو هل صار يقلق إلى هذه الدرجة؟، وهل سيبقى على طريقته هذه؟ وهو الذي اكتشف جيدا بعد مدة من العمل العقلية الجزائرية وصعوبة التعامل معها، أم أنها لن يلين وسيواصل مسيرته التي تبقى ناجحة حتى الآن خاصة أن الأرقام تقف في صفّه.