مباشرة بعد عودته مساء أول أمس السبت إلى فرنسا من مالي أين كان محتجزا هناك بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة منذ الإنقلاب العسكري الذي قامت به مجموعة من المتمردين على حكم الرئيس السابق الجنرال "آمادو توماني توري"،
استغلت صحيفة "ليكيب" الفرصة وأجرت حوارا مع "آلان جيريس" مدرب المنتخب المالي وقامت بنشره أمس في طبعتها الورقية تحدث خلاله عن كل ما عاشه في مالي منذ الإنقلاب العسكري، واستهل حديثه عن كيفية علمه بخبر إستيلاء المتمرّدين على السلطة حيث قال: "يومها بعد أن مررت بالإتحادية ذهبت للتسوق في بعض المحلات وفي حدود الساعة الثالثة مساء شاهدت أشخاصا يجرون في كل الإتجاهات وكأنّ عاصفة قادمة، وقتها أحسست أنّ الوضع غير طبيعي خاصة أني لمّا مررت أمام مخيم عسكري شاهدت أسلحة كثيرة موضوعة على حافة الطريق ومباشرة عند دخولي البيت فتحت جهاز التلفزيون وفهمت كل شيء وقتها".
"كنت خائفا على حياتي ومن يومها لم أتمكّن من النوم جيدا"
وأكد "آلان جيراس" أنه كان يعيش طيلة الأيام الفارطة كابوسا حقيقيا جراء الخوف من تعرضه إلى مكروه حيث قال في هذا الخصوص: "لقد أحسست بخوف شديد يوم الإنقلاب العسكري خاصة أنه في تلك الليلة كانت الطلقات النارية وأصوات الرشاشات تُسمع في كل الإتجاهات وبمجرد طلوع النهار سفارة فرنسا طلبت منا عدم مغادرة بيوتنا وعدم التوجه إلى المطارات لأنّ المسؤولين في البلد أغلقوها مثلما أغلقوا الحدود. لا أخفي أنني كنت مضطربا جدا وخائفا على حياتي حيث لما يدق أي شخص على باب منزلي أو أسمع منبه سيارة كان ينتابني خوف مضاعف ومن يومها لم أنم جيدا".
"الوضعية كانت تتأزّم من يوم إلى آخر خاصة مع إنعدام الأمن"
وعن الأيام التي قضاها فلا مغادرته التراب المالي قال المدرب الفرنسي: "كنت أقضي أيامي في بيتي ولا أغادره وأتحدث مع العائلة مرتين في اليوم وأعمل كل ما في وسعي حتى أطمئنهم على حالي، في وقت كنت قلقا جدا خاصة أنّ الوضعية كانت تتأزم من يوم إلى آخر مع كثرة سرقة المنازل والسيارات وإنعدام الأمن. من بعيد يمكن أن يتعاطف أي شخص مع الشعب المالي لكن لا أحد بمقدوره أن يقدّر ما يعيشه هؤلاء هذه الأيام".
"مالي كانت تعيش أجواء فرحة شديدة منذ الكان قبل الإنقلاب العسكري"
وأضاف المدرب الفرنسي: "بقيت في البيت 6 أيام أنتظر الفرج حتى تمّ إعلامنا بإمكانية مغادرة التراب المالي (غادره 4 أيام بعد ذلك)، أمر مؤسف ما حدث خاصة أنه بعد المركز الثالث الذي تحصلنا عليه في الكان الأخيرة في شهر فيفري المنصرم فإن مالي كانت تعيش أجواء الفرحة حيث أنه لم تكن تُسمع إلا الأهازيج في أزقة وشوارع كل المدن قبل أن يأتي هذا الإنقلاب العسكري. أقول إنه صعب جدا ما يعيشه الأشخاص هناك هذه الأيام وأتمنى أن يعود الهدوء سريعا إلى مالي".
"حزين جدا لهذا الشعب ولا أعرف ما الذي سيحدث في الأيام القادمة"
وعن تصرّف الماليين معه حين كان يهم بمغادرة البلد خاصة أنه قبع في بيته منذ الإنقلاب العسكري قال "آلان جيراس": "لما تنقلت اليوم إلى المطار كي أعود إلى باريس فإن غالبية العسكريين كانوا يحيّونني ويسألون عن أخباري وأحسست وقتها بحزن عميق جدا لأن هذا الشعب كريم ويحب بلده وبفضل كرة القدم نسي قليلا هموم يومياته بعد مشوارنا الجيد في كأس أمم إفريقيا الأخيرة. اليوم لا أعرف مصير هذا البلد وما الذي سيحدث في الأيام القادمة".
"لم يكن لديّ أي حديث مع مسؤولي الإتحادية لأجل تمديد عقدي"
وبخصوص عقده الذي سينتهي في شهر ماي القادم قال: "لم يكن لي حديث مع المسؤولين لأجل تمديد عقدي لهذا لا أعرف ما الذي سيحدث في المستقبل. الكثير من اللاعبين إتصلوا بي لمّا كنت في مالي للإطمئنان على حالي. أفهم حاليا أن كرة القدم ليست أولوية للبلد وهناك أمور أكثر أهمية لكن لا الفيفا ولا الكاف ستنتظران وقتا طويلا وبصراحة أنا قلق جدا على مستقبل المنتخب"