سفهاؤهم يستهزئون ويتطاولون وعلماؤهم يشهدون بالحقّ ويُنصفونكثيرة هي الشّهادات المبهرة التي أطلقها المنصفون من غير
المسلمين في حقّ نبيّ الإسلام، ولعلّ ما يلفت النّظر في تلك الشّهادات،
أنّها صدرت عن رجال يمثّلون زبدة الشّرق والغرب في الفكر وعلم الاجتماع
والطبّ والرياضيات والفيزياء والفلك، لتكون أبلغ ردّ على إساءات المتطاولين
من المتسلّقين الأغيار والمغمورين، الباحثين عن الشّهرة والثّروة، وقد حقّ
لنا أن نقول بكلّ فخر: "سفهاؤهم يستهزئون ويتطاولون وعلماؤهم يشهدون
بالحقّ وينصفون".
وفيما يأتي، عدد من تلك الشّهادات الصّادرة عن أشهر مفكّري الشّرق والغرب:
الفيلسوف الإنجليزي جورج برنارد شو (ت1950م): هذا الفيلسوف العملاق الذي قيل إنّه ألّف كتابا عنوانه "محمّد"
أحرقته السّلطات البريطانية خوفا من تأثيره على البريطانيين، وهذه واحدة
من الدّلائل الكثيرة التي تنسف مزاعم عراقة حرية التّعبير في هذا البلد.
قال هذا الرّجل في حقّ النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: "إنّ
رجال الدّين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين
محمّدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت
على أمر هذا الرّجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصّلت إلى أنّه لم يكن
عدوًّا للمسيحية، بل يجبُ أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى
أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمّن السّلام والسّعادة التي
يرنو البشر إليها". (الإسلام الصّادق: ج01).
الفيلسوف الفرنسي ألفونس دي لامارتين (ت1869م): قال: "إذا كانت الضّوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سموّ
الغاية والنّتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن
يقارِن أيا من عظماء التّاريخ الحديث بالنبيّ محمّد في عبقريته؟ فهؤلاء
المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنّوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات، فلم
يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطّمت بين ظهرانَيْهم، لكنّ هذا الرّجل
لم يَقُد الجيوش ويسنّ التّشريعات ويقيم الإمبراطوريات ويحكم الشّعوب
ويروّض الحكّام فقط، وإنّما قاد الملايين من النّاس فيما كان يعدّ ثلث
العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنّه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة". (تاريخ تركيا : 02 / 269).
عملاق الرّوائيين الرّوس ليو تولستوي (ت 1910م):قال: "أنا واحد من المبهورين بالنبيّ محمّد الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرّسالات على يديه، وليكون هو أيضا آخر الأنبياء".
الكاتب والمؤرّخ الاسكتلندي توماس كارليل (ت1881م) :قال في كتابه (الأبطال وعبادتهم): "إنّما محمّد شهاب قد أضاء العالم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".
القائد الهندي المهاتما غاندي (ت 1948م): قال في تصريح لجريدة "ينج أنديا") الهندية: "أردت أن أعرف صفات
الرّجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر... لقد أصبحت مقتنعا كلّ
الاقتناع أنّ السّيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته،
بل كان ذلك من خلال بساطة الرّسول مع دقّته وصدقه في الوعود، وتفانيه
وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربّه وفي رسالته.
هذه الصّفات هي التي مهّدت الطّريق، وتخطّت المصاعب، وليس السّيف. بعد
انتهائي من قراءة الجزء الثّاني من حياة الرّسول وجدت نفسي أسفا لعدم وجود
المزيد للتّعرف أكثر على حياته العظيمة".
عالم الفلك الأمريكيّ مايكل هارت (معاصر):يعدّ الدّكتور مايكل هارت - المؤرّخ وعالم الفلك والفيزياء الأمريكيّ - من أبرز علماء الغرب المعاصرين الذين أنصفوا النبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم -، والملفت في أمره أنّ ديانته اليهودية لم تمنعه من أن يشهد شهادة حقّ ويضع رسول الإسلام في صدارة العظماء المئة الذين أثّروا في مجريات التاريخ في كتابه "الخالدون المئة" الذي كان زبدة بحثه المعمّق في سير عظماء التاريخ.
وعن
سبب اختياره للنبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ مقدَّما للعظماء المائة يقول
هارت: "إنّ اختياري محمّدا ليأتيَ في المرتبة الأولى من قائمة أكثر أشخاص
العالم تأثيرًا في البشرية قد يدهش بعض القرّاء، وقد يعترض عليه البعض،
ولكنّه كان الرّجل الوحيد في التاريخ الذي حقّق نجاحًا بارزًا على كلّ من المستوى الدينيّ والدنيوي" (الخالدون المائة: ص33).