لعب دور المستشار الإعلامي والمرافق لها في كل السفريات والحفلاتاللحظات الأخيرة في حياة وردة.. ودعت النيل، اشتاقت للجزائر وحنّت لبليغ!قصة وردة مع ابنها رياض جميلة جدا، وموجعة جدا في الآن ذاته.. فرياض كان مع وداد ثمرة زواج تقليدي مع عسكري وصفته وردة بأنه "صارم جدا وبارد المشاعر، حتى في حياته الزوجية" طلب مني بمجرد الزواج أن أتوقف عن الغناء، وظللت كل سنة أحاول إقناعه بأن الموسيقى ليست حرام لكنه ظل عسكريا خارج البيت وداخله، حتى عندما تولى مهمة مدنية في وزارة الاقتصاد بالحكومة التي تلت الاستقلال". رياض بحسب تعبير والدته: "الأقرب لي وهو حياتي كلها، إنه أقرب حتى من وداد، فهذه الأخيرة اختارت الاستقلال بحياتها مبكرا، لكن رياض ظلّ ملازما لي طول العمر، إنه يحسن التعبير عن حاجته لي كأمّ حتى بعدما كبر وتزوج وأنجب".. هكذا تتحدث أميرة الطرب عن ولدها في برنامج "هذا أنا" والذي كان آخر برنامج مطول تسجله عن حياتها لقناة الأم بي سي.. وعندما سئلت وردة عن ابنتها وداد، لم تجب، لكنها فضلت القول: "إنها ابنتي، تكلمت معها كثيرا، حاولت التأثير عليها لكنني أعترف بالفشل، وهذه العيون المنتفخة سببها الدمع الذي ذرفته على وداد طول حياتي!"
صاحبة "العيون السود" روت أيضا حكايتها مع الزمان فقالت : "عندما عدت إلى القاهرة، وانشغلت بالفن والنجاح، وتزوجت بليغ، كنت أعلم جيدا أنني ظلمت معي رياض ووداد.. حاولت فيما بعد أن أزورهما كل صيف، وأقضي معهما وقتا أطول، وبليغ كان منزعجا بعض الشيء من ذلك، حتى هرب رياض من أبيه إلى أمريكا، أين درس هنالك 3 سنوات، ثم عاد إلى حضني في مصر، ويومها هاتفت زوجي السابق لأقول له: رياض معي، وهو شخص ناجح ومتفوق في دراسته.. وكأنني كنت أريد الانتقام منه بسبب إبعاده لأبني عني قائلا أنني سأفسد عليه أخلاقه ودراسته!"
أكثر شيء يوجع رياض في هذه اللحظات، أنه استقبل جثمان والدته مثل الآخرين في المطار.. لم يقبلها القبلة الأخيرة، ويحضن جسمها البارد.. وهو الذي ظل حتى أنفاسها الأخيرة ابنا وفيا، ومستشارا إعلاميا، ورفيقا لها في كل السفريات، سواء للعلاج أو لإقامة الحفلات.. وكان سببا مباشرا في اقتناعها بالبقاء في الجزائر بعد كل تلك السنوات التي صنعت فيها مجدها الفني الطويل، لأنه لا تراب أحن علينا في نهاية المطاف من تراب الوطن!
اللحظات الأخيرة في حياة وردة.. ودعت النيل، اشتاقت للجزائر وحنّت لبليغ!
تروي نجاة، المقربة من وردة، ومرافقتها على الدوام اللحظات الأخيرة من حياة أميرة الطرب العربي فتقول"كان الجو جميلا في القاهرة، هنا لا حديث سوى عن الثورة والرئاسيات، وحرب تصفية الفلول.. استنشقت وردة رائحة النيل للمرة الأخيرة، وظلت تخاطب النهر الجميل بلغة العيون، من شقتها في 67 شارع المنيل.. وكأنها تودعه دون أن تدري.. ثم توجهت لمرقدها، حيث تحافظ منذ فترة على القيلولة، وهي التي قاومت الموت أكثر من مرة، فلم يأخذها حين أجرت عملية جراحية في القلب مرتين، أو اضطرارها لزراعة كبد ثم إصابتها بجلطة في الساق.. نامت وردة، ولم تستيقظ إلا بعد ساعات.. كانت السابعة بتوقيت القاهرة حين سمعت نجاة وردة وهي تناديها، وحسب روايتها دوما، فقد نهضت الراحلة من فراشها مفزوعة نحو الحمام، بغرض غسل وجهها، أصيبت بإغماء واختناق، ضربت رجلها في باب الحمام، ثم سقطت، وقبل أن تفقد القدرة على النطق والتنفس، قالت أنها تريد رياض، والسفر إلى الجزائر حالا.. أدركت وردة أن ساعتها حانت.. كانت جميع تلك المؤشرات توحي أن القلب الذي خضع للجراحة الدقيقة مرتين قرر التوقف عن النبض.. قبلها بأيام تحدثت وردة للأهرام، ومما قالته جملة موجعة.. اشتقت لبليغ..إنه اشتياق الأرواح، وحنين الحي لأحبابه الذين رحلوا.. وردة التي روت حكايتها مع الزمان في أغنية شهيرة، فضلت الانسحاب من دنيانا على خجل، وهي وحيدة دون أن تجد ابنها رياض أو ابنتها التي تشبهها كثيرا وداد إلى جانبها.. اتصلت نجاة بأحد الأطباء جاء على الفور، لكن.. لكل أجل كتاب.. فارقت وردة الدنيا التي مثلت لها فيلما بعنوان "ليه يا دنيا" وسقطت آخر أوراق الورد مثلما هو عنوان مسلسلها التلفزيوني الأخير.. أخبرت نجاة السفارة الجزائرية بالقاهرة، ونقلت الفاجعة تلفونيا لرياض ووداد..تأخر كلاهما بسبب وجودهما في الجزائر، لكن الفنانة الأولى التي حضرت بيت وردة، كانت صديقتها الحميمة نبيلة عبيد.. تخلت هذه الأخيرة عن لباس شخصيتها في المسلسل الذي تصوره حاليا "كيد النسا" أخذت المصحف، وضعت قبلة على جبين وردة، وقرأت بصوت خافت.."إنا الله وإنا إليه راجعون"..