قراءة في فيلم "كف القمر" المعروض مؤخرا في مهرجان وهران
الوحدة العربية على طريقة خالد يوسف!
من يشاهد فيلم "كف القمر" ولا يعرف توجهات مخرجه السياسية والفكرية، سيكون سهلا عليه فيما بعد اكتشافها، فخالد يوسف يعلن بشدة، من خلال أحداث العمل وبنائه الدرامي عن يساريته وقوميته، لذلك فهو يتابع رفقة الكاتب ناصر عبد الرحمن صياغة عمل يتحدث عن الوحدة العربية من خلال أسرة قمر (الفنانة وفاء عامر) وهي الأم التي تنصح أبناءها بمغادرة القرية الفلاحية الفقيرة، بعد مقتل زوجها على يد مافيا البحث عن الذهب والكنوز، قبل أن يتفرق الأبناء عن بعضهم البعض، ويختار كل واحد منهم طريقا مستقلا، بسبب خلافات بسيطة لكنها في حقيقة الأمر عميقة جدا.
الممثل خالد صالح الذي جسّد البطولة في فيلم الريس عمر حرب لخالد يوسف قبل سنوات، يتقمص في كف القمر شخصية الأخ الكبير، والذي من واجبه صيانة الوحدة، ومحاربة التفرق من خلال جمع إخوته ولو بالقوة، من أجل ملاقاة الأم التي تم قطع كفها بسبب المرض، وهي تحتضر الآن في بيتها المنهوب بالقرية الضائعة، في إشارة واضحة للدور المصري، والذي يحلم خالد يوسف باستعادته بعد الثورة وسقوط مبارك، وسط تزايد الحديث عن فقدان القاهرة لأهميتها الاستراتيجية لصالح دول أخرى.
رحيل الأم قمر، وعودة خالد صالح الأخ الكبير وحيدا، مشهد دعمه خالد يوسف بموسيقى تؤبن الوضع العربي الراهن، قبل أن يعود في لحظات قصيرة، ليمارس نقيضه تماما، من خلال نهاية سعيدة، يبدو من خلالها الإخوة الأربعة الآخرون وقد استعادوا وعيهم وقرروا بناء بيت والدتهم الذي انهار تماما، وهو البيت الذي قالت عنه قمر قبل وفاتها .."لا أحتاج لإعادة بنائه طالما أنه سيبقى مجرد جدران خاوية، لا روح فيها"!
المخرج خالد يوسف قال إنه لا يحب النهايات السعيدة لكنه أصر عليها في "كف القمر"، واختلف مع الكاتب ناصر عبد الرحمن بسبب ذلك، معترفا أن العمل يعد تتمة لثلاثيته السابقة "هي فوضى، حين ميسرة، ثم دكان شحاتة" علما أن العمل الذي أبدع فيه الممثل خالد صالح، ظهر فيه هيثم أحمد زكي شبيها لوالده الفنان الراحل أحمد زكي، حيث يكاد المشاهد يتصور أن النمر الأسمر عاد للحياة مجددا خصوصا مع محاكاة ابنه لمشاهده في فيلم البيه البواب مثلا!
أما الممثلة جمانة مراد فاكتفت بثلاثة أو أربعة مشاهد فقط، علقت عليها بالقول إنه يكفيها الظهور في فيلم من اخراج خالد يوسف، علما أن الممثل الشاب حسن الرداد تمكن من سرقة اهتمام الجمهور أيضا بأدائه المتقن، والذي أكد بأنه نجم كبير، يكنه ما يزال بانتظار فرصته الذهبية، ناهيك عن الأداء القوي لكل من صبري فواز ووفاء عامر وبدرجة أقل حورية فرغلي.