شهدت فرنسا أمسية الأربعاء دراما صارت حديث العالم عندما خاض الرئيس نيكولا ساركوزي وأمين عام الاشتراكيين فرانسوا هولاند غمار المناظرة التلفزيونية التقليدية بين مرشحي جولة الانتخابية الرئاسية الثانية الحاسمة.
فعلى عكس ما يُتوقع من رزانة وتعقّل لعملاقين يسعى كل منهما للكرسي الأعلى في البلاد، بدأ الرجلان يتبادلان التهم خاصة حول وضع البلاد الاقتصادي. وتحت أنظار 20 مليون فرنسي كانوا يتابعون المناظرة على الشاشة لم يتورع أي منهما عن اتهام الآخر بالكذب.
ولوضع هذا الأمر في منظوره الصحيح فإن وصف الإنسان بالكاذب في الغرب لا يقل إساءة عن وصفه باللص الوضيع.
وباختصار فقد تحول ما يسمى «المناظرة» في الثقافة السياسية الفرنسية الى دراما عدائية مفتوحة لم تشهد البلاد مثيلا لها منذ تبني هذا النوع من المواجهة بين المرشحيْن الأخيريْن للرئاسة منذ بدء هذا التقليد التلفزيوني قبل أكثر من 30 عاما. وعلى هذا الأساس وجدت المنازلة حيزا في الصحافة الفرنسية والغربية يفوق كثيرا ما كان يخصص لها في سائر المواجهات المماثلة السابقة.
وعلى مدى ثلاث ساعات هي زمن هذه المناظرة، كان العصب الحي هو حالة الاقتصاد وأبرز هوامشه من العطالة إلى كيفية التعامل مع ديون فرنسا العامة. لكن الأهم من هذا ربما، فقد كانت منازلة بين «شخصيتي» المتنافسيْن حول مَن منهما الأكثر اتصافا بسمات الرئيس وبالتالي الأكثر أهلية للإمساك بمفاتيح قصر الإليزيه.
من جهته ردد ساركوزي صدى الانتقادات التي وجهت لخصمه بأنه «هش كوسادة من الريش وبدون أدنى خبرة تمهد له الطريق إلى حكم فرنسا». وعندما رد هولاند بهجوم شرس على خطة ساركوزي الخمسية قائلا إنها كانت وتظل مجرد أوهام ووعود، أطلق هذا الأخير قنبلته الكلامية فوصف الزعيم الاشتراكي بأنه «كاذب يفتقر إلى الكفاءة». وأعاد هولاند الكرة الى ملعب ساركوزي قائلا: «واضح أنك عاجز عن إطلاق الأحكام الصحيحة بدون أن تلجأ الى الترهات غير اللائقة»!
ولكن، في المحصلة النهائية كما يقول العديد من المعلقين الغربيين فلو كان ساركوزي قد تمكن من دك حصون خصمه مرشحة الاشتراكيين سيغولين رويال (شريكة هولاند سابقا وأم أبنائه الأربعة) في مناظرة 2007 الرئاسية، فقد عجز عن فعل الشيء نفسه مع هولاند الذي يُعتقد أن كفته رجّحت قليلا في هذه المناظرة - الحرب الكلامية الأخيرة.
كارلا تنوء تحت الضغط
بالنظر إلى استطلاعات الرأي التي تنذر ساركوزي - في حال ترجمتها إلى واقع ملموس يوم الحسم في السادس من الشهر الحالي - بأنه ربما وصل إلى نهاية طموحاته السياسية رغم محاولاته المستميتة التودد إلى اليمين المتطرف، فالمعادلة بسيطة بالنسبة للخصمين.
الضغوط أرغمت بروني على فطم طفلتها قبل الأوان
ففي حال خسر هولاند المعركة، لن تتعدى خسارته ضياع الحلم بالوصول الى القمة. لكن خسارة ساركوزي ستكون فادحة لأنها ستتعلق بخسارته هذه القمة التي تربع عليها فعلا وأتيحت له الفرصة على مدى خمس سنوات لتحصين دفاعاتها.
على أن الصحافة الفرنسية خصصت الهامش الأكبر في معركة الانتخابات لكارلا بروني عقيلة الرئيس. فزعمت إن الضغوط الواقعة عليها وتوتراتها النفسية الناتجة بلغت حد أنها صارت تهدد صحتها. فاضطرت، مع هذا الحال، لكبح جماح العديد أنشطتها المعتادة، بل أنها أوقفت تماما إرضاع طفلتها.
ووفقا لمجلة «كلوزير» الفرنسية فإن كارلا (44 عاما) تشكو من ضغوط نفسية تكاد تصبح مَرَضيّة «نتيجة للوحشية التي تعرض لها زوجها خلال حملته الرئاسية». وقالت إن هذه السوبر موديل السابقة والمغنية «تذرف الدموع معظم الوقت وتتعامل بعصبية وقسوة غير معتادة مع سائر الموجودين حولها».
وأضافت المجلة إن «بروني العام 2009 ذات الابتسامة الرقيقة اختفت تماما وحلت محلها أخرى تكشر عن أنياب العداء وكأن العالم بأجمعه يتآمر ضدها (...). فصار نومها محموما متقطعا وساءت أحوالها الصحية بالتالي بحيث اضطرت لفطم ابنتها جوليا وهي في شهرها السادس فقط».