تساعد مختلف وسائل الإعلام الثقيلة من تلفزيون وإذاعة وطنية عددا من المنتمين للساحة الفنية من الجنسين ومن كل المدن الجزائرية بطبوعها المختلفة لأجل المشاركة بأعمالهم الفنية لإحياء الذكرى الخمسين للاستقلال، وباشرت بين الحين والآخر بث هذه الأغاني "تحت الطلب" التي جاءت بهندام قبيح سواء من حيث الكلمات أو الألحان وخاصة الأداء، ومع ذلك تم اعتمادها، وصار يتكرر بثها قبل موعد عيد الاستقلال بأكثر من شهرين
وبثت الإذاعة الوطنية أول أمس السبت أغنية فيها الكثير من الارتجالية يقول صاحبها.. ما ناكل زبدة ما نشرب رايب بلادي جوهرة ووليدي غايب، ويدعو فيها للعودة للجزائر بعد نصف قرن من الاستقلال، وهي دعوة منفرة وليست جاذبة، كما أن مغنيا آخر تغنى بجمال الجزائر بالقول "البطاطا ما تهمنيش وأعياد بلادي مانراطيش"، وإذا كانت الكلمات قد بلغت مستوى منحطا فإن الموسيقى وتوزيعها فضيحة بكل المقاييس، لأن الوطن والذكرى في حاجة لمن يقول في حقهما كلمة جميلة أو يصمت، والغريب أن كل الطبوع الغنائية تورطت في الفضيحة من قناوي إلى راي وغيرهما دخلت ساحة الاستعداد "الفني" للحدث، خاصة أن بعض الأغاني يتلقى عليها صاحبها مبالغ مالية باهظة، مثل أغنية "ما ننساوك محال ليلة أول نوفمبر تحكي الأجيال والظلم عنك زال وضحاو عليك عرب وبربر"، وقام عدد كبير من الذين يسمّون بالفنانين بأخذ موسيقى كاملة وتغيّر الكلمات فقط مثل أغنية "الله يا مولانا احفظ بلادنا يا مولانا" والتي تبثها القناة الأولى باستمرار، ولم يجد آخرون وهم يسارعون الزمن في تقديم أي شيء مثل أغنية "الجزائر واقفة في كل زمان" بموسيقى التويست الغربية القديمة، وأحيانا بموسيقى روك تدعو المغتربين بالعودة وهي في الحقيقة تطلب منهم عدم العودة إذا استمعوا إلى الموسيقى والكلمات مثل أغنية "يا متغرب يا قاطع البحور، والغربة مرّة وانت تقول صالحة"، وتسيء أغان أخرى صراحة للجزائر وللجزائريين رغم أنها تدعي الوطنية إلى حد النخاع، كما هو الشأن بالنسبة لأغنية تقول: "احنا الجزايريين حبوا يديو لبلاد ديالي، القصبة مازالت واقفة ومازالت حرمة الجار، وأنا يا بلادي عارف وهو ما علابلهومش"، وغيرها كثير، فيه من كل شيء إلا من الشعر والموسيقى مما يوحي أن مجزرة فنية بصدد التحضير للذكرى الخمسين للاستقلال، خاصة أن بقية الفنانين الموصوفين بالكبار تعوّدوا أيضا على الارتجال والسرقة إذا تعلق الأمر بالأغاني الوطني،ة كما حدث مع الشاب مامي في أغنية "بلادي هي الجزائر وعليها قلبي حاير" التي أخذ موسيقاها بالكامل من أغنية "شهلت لعياني" العاطفية الشعبية، تحدث هذه المجزرة الفنية في غياب كامل ومحير من لجان مراقبة ومصالح حقوق المؤلف.